الرئيسية | قسم التنزيل | أبحاث ومقالاتمواضيع مميزة  |  صور و وثائق | أشرطة سمعية مناظرات | مواضيع خفيفة |  قسم الفاروق

 

الغلس ... في تحريم الجرس !!

horizontal rule

 

 

هذا بحث وجدناه في شبكة سحاب السلفية يعرضون فيه الأدلة على تحريم الجرس من مصاردهم الخرندعية ، و الطريف أننا وجدناهم قد حرموا حتى منبه الساعة و جرس إنذار الحريق و جرس المدرسة ! فقالوا بالحرف الواحد :

( فإن هذه الأحاديث تدل على تحريم الجرس لا كراهته فقط وهو الراجح وعلمنا مما تقدم أيضاً صفة الجرس المنهي عنه وأنه الناقوس أو الوعاء من معدن والذي بداخله لسان يصطك بجوانب الوعاء ويحدث صلصلة وأنه لا فرق بين الصغير والكبير وطرق التشغيل له ما دام صفة الصوت واحدة فقد يظن البعض أن هذه الأجراس المعاصرة المخترعة : كجرس الحصص الدراسية بالمدارس ــ والجرس المنبه في الساعة ــ وجرس إنذار الحريق ــ وجرس التنبيه على مجاوزة السرعة في السيارات أنها لا تدخل في التحريم وهذا خطأ والصواب أنها تدخل في التحريم لأن صفة الصوت الصادر عنها هو نفسه الصادر عن المنهي عنه والذي كان في زمن النبي كما تقدم فلا يمنع اختلاف الأشكال من توحيد الحكم )

و يستشكل كاتب البحث العبقري على سماعات الميكروفون التي تنقل صوت إمام الجماعة خارج المسجد فيقول :

( فلا بد أن يراعوا عند إرادة استعمالها مقاصد الشريعة ، فيتركوا منها ما نهت الشريعة عنه ، ويقتنوا منها ما هو مباح أو ما يحقق مصلحةً شرعية واجبة أو مستحبة إذا لم يكن في الشريعة نهي عنها كالجرس مثلاً وهو موضوع الرسالة فإنه منهي عنه ، ونضرب مثالين لتوضيح ذلك :

الأول/ مكبر الصوت ( الميكرفون) .

الثاني/ ( التلفاز والفيديو ).

الأول: مكبر الصوت (الميكرفون) فإنَّه من نعم الله إذا استعمل فيما يرضيه بمراعات مقاصد الشرع وأما استعماله في إذاعة الأغاني والأشعار العشقية المحرمة محرم مخالف لمقصود الشرع لأن الشريعة نهت عن سماع الأغاني لما جاء في صحيح البخاري :[ ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف].واستعماله في الأذان والعلم موافق لمقصود الشارع من إعلان الأذان وبث العلم .أما استعماله في إخراج قراءة الإمام من المسجد فيخالف مقصود الشارع من ثلاث جهات:

الأولى/ أن النبي r قد قال: [ لايجهر بعضكم على بعض بالقرآن]. وقد أخبرني بعض النساء أنهن لا يقدرن على أداء الصلاة في البيوت في وقتها الواجب الموسع الاختياري من التشويش الذي يحصل من جراء إخراج الإمام قراءته عبر المكبرات الصوتية فمن حقهن أن يصلين في أي وقت يردن الصلاة فيها خلال وقت الصلاة الشرعي ومنعهن بإخراج قراءة الإمام فيه هدرٌ لهذا الحق الشرعي وكذلك المرضى ومن لـه عذر عن الصلاة في المسجد.

الثاني/ أنه ليس من توقير كتاب الله العزيز وتعظيمه أن يكبر صوت الإمام عند القراءة في الصلاة فيخرج خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لاينصتون له بل هم مشغولون عنه فيكون إخراج القراءة من هذه الجهة لا فائدة فيها .

الثالث/ قد ذكر الشيخ صالح الفوزان أن إخراج الإمام للقراءة خارج المسجد ذريعة للرياء أنتهى )

و انظروا هنا للعقلية العنجهية و كيف يفكر هذا الوهابي مستمرا في حديثه حول مكبرات الصوت :

( فهذا المُخرج لصوته بمكبرات الصوت لاينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة وهو يعلم أن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم .

فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه فترى الشيطان والنفس الأمارة والهوى يدعوانه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت ولقد حدثت عن هذا الإمام نفسه أنه يلتفت بوجهه عن القبلة أثناء الصلاة إلى مكبر الصوت ليضع فمه عليه ليحسِّن قراءته وقد ركَّب على مأذنته ثمانية مكبرات واشترى جهازاً بالآلاف الريالات حتى أفزع بعض أطفال الحي وأيقظهم من النوم ولا حول ولا قوة إلا بالله . )

لا حول و لا قوة إلا بالله من هكذا عقول !!

ثم يبدأ الكاتب باستخفاف دمه قائلاً :

( وكذلك قد يأتي زمن ينسى فيه العلم إذا حفظت صور العلماء والمشايخ في الأشرطة وغيرها يقول الشيطان للأجيال إن آباءكم ما حفظوها إلا أنهم يعبدونها فتعرض للعبادة نسأل الله العافية . ).

فلا ندري من ضحك على هذا الكاتب الوهابي و قال له بأن أشكال علمائه و مشائخه تصلح لتكون أشكالا يستسيغها الناس للعبادة ، فلو صنعوا من أشكالهم تماثيل لفر الناس و تابوا عن عبادة الأصنام إلى يوم يبعثون. هذا لأن الله قد مسخهم و أبان عليهم غضبه ، "نسأل الله العافية" !

و قال الظريف الوهابي في خاتمة بحثه الشيق :

( وينبغي النظر في أجراس البيوت الخاصة بالزائر وغيرها من أجراس اللعب والهواتف فما كان على الصفة المذكورة في البحث فهو المنهي عنه وما كان على غير تلك الصفة فهو المباح وبالله التوفيق. ) !!

فلمن أراد الاطلاع على هذا البحث الطريف إكمال هذه الصفحة و قراءة ما فيها من طرائف :

horizontal rule

 

كشف الغلس في حكم الجرس


 

كتبه

ماهر بن ظافر القحطاني

 

 

مقدمة

 

إلى من يقرأ هذه الرسالة من المسلمين من أخيهم / ماهربن ظافر القحطاني

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته                                                                 أما بعد،،،

فقد قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)(ابراهيم: من الآية34)وقال: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)(النحل: من الآية53) فمن نعم الله تعالى على المسلمين في هذا الزمان هذه المخترعات الآلية والكهربائية المفيدة ، فهي وإن كانت من صنع الإنسان ولكن لولا الله وحده لاشريك له لما صنعت ولما ركبت ولما دارت فاشتغلت قال تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات:96) فمن خلق مادتها ومن خلق العقول التي ركبتها والأيدي التي صنعتها قال تعالى : ( أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(النمل: من الآية63)فلا يبهرنَّـك أيها المسلم الموحد ما تراه بعينك أو تسمعه بأذنك من هذا الإتقان للمخترعات المتقدمة عند الصنَّـاع من المشركين والكفار فهي في واقع الأمر برهان على إتقان من خلق تلك العقول والأيدي قال تعالى : (الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)(النمل: من الآية88)إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، قال تعالى : (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يّـس:83) وقال : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور:35) ثم إنَّ ماتراه من تقدمهم في باب الصناعات المعقدة إنما هو متاع الحياة الدنيا ، والآخرة خيرُ وأبقى ولكن لمن اتقى  قال تعالى : (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (الأعلى:17)

 روى الترمذي في جامعه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله r :[ لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافر منها شربة ماء ]. ثم إن هذا الذي أنعم الله به عليهم مع إقامتهم على الكفر والشرك والمعصية إنما هو استدراج منه عزَّ وجل ليزدادوا إثماً وليوفيهم أجورهم وفي الآخرة عذاب اليمُ مقيم نسأل الله معافاته قال تعالى: (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (القلم:45) ثم إنه يريد أن يعذبهم بها فتزهق أنفسهم وهم كافرون كما قال تعالى : (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) (التوبة:55) ولقد حقر الله علمهم الدنيوي لما جهلو علم الآخرة والعمل به بتوحيد الله وشكره على نعمه بالعمل بمقتضاه من ترك الشرك به ومعصيته مع العمل بطاعته فقال : (يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم:7) ولقد فُتن كثيرٌ من ضعاف الإيمان بهذه الحضارات الاختراعية الزائفة فتشبهوا بالكفار في لباسهم وكلامهم وهيئتهم وقد قال النبي r :[ من تشبه بقوم فهو منهم ] حتى ربما ترك بعضهم بلاد المسلمين احتقارا لها وذهب يقيم بأسرته بين ظهرانيهم قال بن تيمية :[ والمشابهة في الظاهر توجب الموادة في الباطن] وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي (1530) عن جرير بن عبدالله قال: قال رسول الله r [ أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يارسول الله ولم قال: لاتريا نارهما ] قال الإمام أحمد أي إذا أشعل الكافر ناراً لايراها المسلم وإذا أشعل المسلم ناراً لايراها كافر قلت : وهو نهي عن قربانهم ومساكنتهم والإقامة معهم لأن ذلك ذريعة للتخلق بأخلاقهم ثم صحبتهم ثم مودتهم في الباطن والوقوع في ما وقعوا فيه من الكفر فإن المحب لمن يحب مطيع وهذا لايعني ألا يأخذ المسلم بأسباب التقدم في الاختراع للنصر على الأعداء وإرهابهم وقد قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)(لأنفال: من الآية60) ولإعانة المسلمين بتسهيل أمور معاشهم ، وفي صحيح البخاري (2767) عن أبي هريرة مرفوعاً [... ويعين الرجل على دابته فيحمله عليها أو يرفع متاعه صدقة ]. فهذا مطلوب وهو سببُ شرعي لايتركه إلا من كان في عقله نقص ولكن المطلوب الأول الذي لا تحصل ثمرة ذلك المطلوب إلا به عودة المسلمين لعقيدتهم الصحيحة المستقاة من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح وترك العمل بما يخالف تلك العقيدة من الشرك بالله ومن التعصب المذهبي الذي لا يقبل الحجة وترك العمل بالبدع ونشرها بين المسلمين فسبحان الله كأن دين الله لم يكمل بموت النبي r حتى يكمله هؤلاء المستدركون بعقولهم الفاسدة على شرع الله قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: من الآية3) فترك العمل بالعقيدة والجهاد عند القدرة والشروط الشرعية يورث المسلمين ذلاً وضعفاً لا ينجبر وإن ملكوا من هذه المخترعات ما ملكوا حتى يعودواعلى ما كان عليها السلف الصالح من العلم والعمل أخرج ابو داود في سننه عن بن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله r  :[ إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ]. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) ولا ينصر الله إلا بتحكيم شرعه  والعمل بمنهج نبيه بفهم السلف الصالح في شؤون الحياة كلها كالدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بلا تمثيليات إسلامية وموسيقة إسلامية أو كذب في مصلحة الدعوة وفي جهادهم بالصبر وترك التهور بالإقدام عليه وقت الضعف لما يترتب على ذلك من مفسدة أكبر من مصلحة قتل بعض الكفار كما كان حال النبي في مكة فلم يقم الجهاد حتى اجتمعت له القوة والتنظيم الشرعي في المدينة فنُصر ببدر وفي معاشرتهم لأهلهم بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ)(التحريم: من الآية6) وفي لباسهم بترك ما يحرم منه كالتبرج والتشبه بالكفار والفساق وأهل البدع ولباس الشهرة وفي ما يختارونه من الأصحاب والزوجات فلا يعاشروا أهل البدع والفساق وأصحاب السوء قال r  :[ المرء على دين خليله ] وقال:[ فاظفر بذات الدين تربت يداك] وفي بيوتهم بتطهيرها من المنكرات من قنوات فضائية وتلفزيونات وأغاني عشق ماجنات وغير ذلك مما نهى عنه رب البريات ويكون ذلك بتحكيم السنة على أنفسهم وأهليهم ظاهراً وباطناً ولا يتم ذلك إلا بالتنفير عن البدعة وأهلها وترك موالاتهم وترك التقرب إلى الله بها وإشاعة السنة والعمل بها وتوقير أهلها وتقريبهم ومولاتهم بحسب ما عندهم من علم وعمل به قال بعضهم من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الدين فإن الدين إذا هدم فما تغني هذه المخترعات والآلات إذا لم يرضى رب البريات فإن أبغض الأمور عنده عز وجل بعد الشرك البدع كما قال r [ شر الأمور محدثاتها ] لأنها منازعة لـه في الحكم وقد قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)(المائدة: من الآية44) ثم أعلم أيها المسلم أن هذه المخترعات المعاصرة المتقدمة كما أنها تكون سبباً في قوة المسلمين إذا روعي فيها مقاصد الشريعة فإنها تكون سبباً في إضعافهم إذا أهملت مقاصدها عند استعمالها .

 فأول مقصد للشرع توحيد الله وحده لاشريك له بعبادته وحده وترك صرف العبادات لغيره والعمل بمقتض التوحيد

قال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56) والعمل بمقتضى التوحيد يكون بترك البدع والكبائر والإصرار على الصغائر وإن جهل المكلف الحكمة من النهي عنها وفعل المأمورات وإن جهل المكلف الحكمة من الأمر بها فلا ينهى ربنا عن شئ إلا ومفسدته أرجح من مصلحته وإن جهل المكلف وجه ذلك ولا يأمر بشئ إلا ومصلحته أرجح من مفسدته وإن جهل المكلف ذلك فأوامره ونواهيه صادرة عن عدل وعلم وحكمة ورحمة بالعالمين فهو الحكيم العليم الرحيم ذو الفضل العظيم [لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ] فحتى تكون هذه المخترعات نافعة للمسلمين وسبب من أسباب القوة بعد التوكل على الله لهم فلا بد أن يراعوا عند إرادة استعمالها مقاصد الشريعة ، فيتركوا منها ما نهت الشريعة عنه ، ويقتنوا منها ما هو مباح أو ما يحقق مصلحةً شرعية واجبة أو مستحبة إذا لم يكن في الشريعة نهي عنها كالجرس مثلاً وهو موضوع الرسالة فإنه منهي عنه ، ونضرب مثالين لتوضيح ذلك :

الأول/ مكبر الصوت ( الميكرفون) .

الثاني/ ( التلفاز والفيديو ).

الأول: مكبر الصوت (الميكرفون) فإنَّه من نعم الله إذا استعمل فيما يرضيه بمراعات مقاصد الشرع وأما استعماله في إذاعة الأغاني والأشعار العشقية المحرمة محرم مخالف لمقصود الشرع لأن الشريعة نهت عن سماع الأغاني لما جاء في صحيح البخاري :[ ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف].واستعماله في الأذان والعلم موافق لمقصود الشارع من إعلان الأذان وبث العلم .أما استعماله في إخراج قراءة الإمام من المسجد فيخالف مقصود الشارع من ثلاث جهات:

الأولى/ أن النبي r قد قال: [ لايجهر بعضكم على بعض بالقرآن]. وقد أخبرني بعض النساء أنهن لا يقدرن على أداء الصلاة في البيوت في وقتها الواجب الموسع الاختياري من التشويش الذي يحصل من جراء إخراج الإمام قراءته عبر المكبرات الصوتية فمن حقهن أن يصلين في أي وقت يردن الصلاة فيها خلال وقت الصلاة الشرعي ومنعهن بإخراج قراءة الإمام فيه هدرٌ لهذا الحق الشرعي وكذلك المرضى ومن لـه عذر عن الصلاة في المسجد.

الثاني/ أنه ليس من توقير كتاب الله العزيز وتعظيمه أن يكبر صوت الإمام عند القراءة في الصلاة فيخرج خارج المسجد ويبقى كثير من الناس لاينصتون له بل هم مشغولون عنه فيكون إخراج القراءة من هذه الجهة لا فائدة فيها .

الثالث/ قد ذكر الشيخ صالح الفوزان أن إخراج الإمام للقراءة خارج المسجد ذريعة للرياء أنتهى . والسلف كانوا يحرصون على إخفاء الأعمال خوفاً من الرياء فما بال هؤلاء يحرصون على إظهارها فهل أمِنوا على أنفسهم من الرياء والسمعة وقد خاف السلف على أنفسهم منه فسدوا ذرائعه وسبله ولقد سمعت بعض الأئمة الذين يخرجون قراءتهم بالمكبرات خارج المسجد يقول زوجة فلان مؤذن المسجد تقول لزوجها أن صوتي يعجبها فغضب عليها زوجها وقال: هو منافق !!!

فهذا المُخرج لصوته بمكبرات الصوت لاينبغي أن يأمن على نفسه الفتنة وهو يعلم أن الشيطان يجري من بن آدم مجرى الدم .

فهو يعلم أن نساء الحي وغيرهن يسمعونه فترى الشيطان والنفس الأمارة والهوى يدعوانه للتصنع في القراءة لإطرابهم ليقولوا قارئ حسن الصوت ولقد حدثت عن هذا الإمام نفسه أنه يلتفت بوجهه عن القبلة أثناء الصلاة إلى مكبر الصوت ليضع فمه عليه ليحسِّن قراءته وقد ركَّب على مأذنته ثمانية مكبرات واشترى جهازاً بالآلاف الريالات حتى أفزع بعض أطفال الحي وأيقظهم من النوم ولا حول ولا قوة إلا بالله . فما الداعي لكل هذا ... وهذا وغيره يعلم أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة منهم القارئ يقال له قرأت ليقال قاري فيكون من أول من تسعر به النار يوم القيامة ولا شك أن ذلك المرائي الهالك كان يحرص على إخراج قراءته والجهر بها ليسمعه الناس وقد جاء في الحديث فضل قراءة السر على الجهر كفضل صدقة السر على العلانية كل ذلك لسد أبواب الرياء ، وألحق بذلك بعض المحققين من أهل العلم الإقامة مستدلاً بحديث عبدالله بن زيد في قصة رؤيا الأذان أن عبدالله بن زيد رأى المؤذن يؤذن على جذم جدار ولما أراد الإقامة نزل فاستنبط أن مقصود الشارع إذاعة الأذان وقصر الإقامة على من هو داخل المسجد ولحصول التشويش بها ، ولقد صار الناس يزهدون في هذا العصر في إنتظار الصلاة في المسجد مع أن منتظر الصلاة في صلاة ما انتظرها كما جاء ذلك في السنة تقول الملائكة اللهم أغفر لـه اللهم ارحمه فكان ذلك منهم بسبب إعلان الإقامة وتهاونهم فيقول أحدهم أنتظر حتى اسمع الإقامة ويتخذ ذلك عادة يتأخر بها عن إدراك فضيلة إنتظار الصلاة وإدراك تكبيرة الإحرام .

الثاني/ عرض الصور على التلفاز والفديو ولو للنفع :

فإنَّ القول بأن هذه الصور المعروضة مباحة لأنها ذات خلق الله فهي حبس ظل مغالطة ([1]ليس لها حقيقة فإنهم قاسوها بالمرآة وهو قياس مع الفارق لأن الصورة المعروضة على المرآة منعكسة والصور المعروضة على ورقات الصور الفوتوغرافية أو الشاشة التلفزيونية مثبتة بألوان وهذا التثبيت هو التصوير

لأن التصوير تفعيل أي أن فيه عمل يد لنقش الصورة وتلوينها وتثبيتها فيكون على هذا قياسهم بالمرآة مع الفارق لعدم تدخل عمل اليد في المرآة للتثبيت فهي كالصورة على سطح الماء المجمع على جوازها فعرض الصور على التلفاز واقتناء الصور الفوتوغرافية محرم يقول بن حزم إن الصورة إذا عرضت طردت الملائكة ولا يجوز طرد الملائكة وحفظها في أشرطة الفيديو ذريعة للشرك كما حدث عند قوم نوح فلا يحسن القول بجواز عرض صور المشايخ للإفتاء وإلقاء الدروس لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فإن أول شرك ظهر في الأرض باسم المصلحة كما في صحيح البخاري من حديث بن عباس رضي الله عنهما قال : [ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر أسماء رجال كانوا صالحين من قوم نوح فلما ماتوا اتخذوا لهم التماثيل (لمصلحة) فلما ماتوا ونسي العلم عُبدوا] وكذلك قد يأتي زمن ينسى فيه العلم إذا حفظت صور العلماء والمشايخ في الأشرطة وغيرها يقول الشيطان للأجيال إن آباءكم ما حفظوها إلا أنهم يعبدونها فتعرض للعبادة نسأل الله العافية .

فتبين أن هذا المخترع ( الفيديو والصور الفوتوغرافية ) مخالفة لمقصود الشارع فواجب تركه والاستفادة منه بتسويد الصور وسماع الصوت فما فائدة رؤية صور الشيخ وإنما العلم بالسماع ولا حول ولا قوة إلا بالله .

على أن الصورة المعروضة على التلفاز والفيديو أشد مضاهاة من الرسم اليدوي وقد جاء في الحديث : [ أشد الناس عذاباً الذين يضاهون خلق الله] فكلما كانت المضاهاة أشد زاد التحريم والله المستعان .

والجرس أحد المخترعات الحديثة ووجه الاختراع فيه تطويره عما كان في عهد النبي r فتغير شكله وتغيرت طريقة تشغيله فاستعملت الكهرباء فيه مع بقاء الصفة التي كانت على عهد النبي r وسنذكر في هذه الرسالة صفته وحكمه والرد على الشبه التي تُبيحه والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه عز وجل نافعاً لي وللمسلمين  [ فخير الناس انفعهم للناس ] في يوم لاينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

 

وكتبه

ماهر بن ظافر القحطاني

 

 

 

 

 

 

صفة الجرس المنهي عنها

 

قال صاحب لسان العرب ( دار صادر 6-36 ) : والجََرَسُ الذي يضرب به وأجرسه : ضربه ،   وروي عن النبي r أنه قال : ( لاتصحب الملائكة رفقة فيها جرس ) ، هو الجلجل الذي يعلق على الدواب ، قيل إنما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته ، وكان عليه السلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة ( قلت : وفي هذا نظر إنما يقال :الكراهة له كما سيأتي للسببين

الأول / طرد الملائكة ولايجوز طردهم كما هو ظاهر حديث صحيح مسلم الذي ذكره صاحب اللسان . والثاني/ أنه مزامير الشيطان كما سيأتي وتلك العلة طارئة يفهم منها جوازه إذا لم يخشى العدو بينما العلة ملازمة بوجود عدو أو عدم ذلك وهي طرد الملائكة وأنه مزامير الشيطان ).

قال: وقيل الجرس الذي يعلق في  عُنِقِ البعير أجرس الحلى: سمع له صوت مثل صوت الجرس.

قلت: قد روى البخاري في صحيحه (2) كتاب بدء الوحي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام سأل رسول الله: فقال يارسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله r: ( أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليَّ...) الحديث

فذكر في هذا الحديث الجرس وصفة صوته بإنها صلصلة .

قال الحافظ بن حجر رحمه الله: والصلصلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت طنين، والجَرَسُ الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب واشتقاقه من الجَرْس بإسكان الراء وهو الحس قال الكرماني: الجرس ناقوس صغير أو سطل في داخله قطعة نحاس يعلق منكوساً على البعير فإذا تحركت النحاسة فأصابت السطل حصلت الصلصلة ، قال الحافظ بن حجر وهو تطويل للتعريف بما لا طائل تحته وقولـه قطعة نحاس معترض لا يختص به وكذا البعير وكذا قولـه منكوساً ، لأن تعليقه على تلك الصورة هو وضعه المستقيم له .

قلت: فإذا كان ذلك كذلك فكل ناقوس أو ما يشبهه من الأوعية المعدنية المختلفة صغيراً كان أو كبيراً منكوساً كان أم معتدلاً أو على جنب وكان فيه لسان من نحاس أو من حديد إذا أصطك بالوعاء أو الناقوس أحدث صلصلة فهو جرس فلا يختص بنوع دون نوع ولا يشترط فيه وضع دون وضع كان له لسان أو أكثر صدر بتحريك الدابة أو بالكهرباء( آلياً بلا عمل إنسان) فهو الجرس الذي سماه النبي مزمارالشيطان كما جاء في صحيح مسلم وذلك مثل المعازف التي حرمت فلا يشترط بقائها على الصفة القديمة كالطبل وغيره بل كل ما صدر منه صوت العزف فهو من المعازف فتغير الأسماء لايعني تغير حقيقة المسميات وقد جاء في صحيح البخاري حديث( ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) فلا يصلح أن يأتي أحد فيقول هذا البيانو والكمانجة وغيرها من آلات اللهو الحديثة ليست من المعازف التي جاء النهي عنها لمجرد عدم وجود نوعها في زمن النبي r ، فاصطكاك الأوتار ببعض الآلات عزف وإن تغير شكلها عما كانت عليه وكذلك جرس المدارس والمنبهات الساعاتية وما يوجد في العاب الأطفال فهي أجراس وإن تغير شكلها وصغر حجمها وأختلف طرق إحداث صوت الصلصلة التي هي مزمار الشيطان فلا يزال الناس اليوم يسمونه جرس بقاءً على الأصل وكذلك جرس الهاتف والمنبه الوقتي وجرس الأنذار للحريق وجرس التنبيه على السرعة في السيارات وغير ذلك فكل ذلك لايزالون يسمونه جرس إلا ما تغير صفة صوته عما كان يعرف في عهد النبي r فلا يصدر عنه صوت صلصلة كالمنبهات الصوتية الالكترونية وهذا والقول في الجرس كالقول في الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية المعاصرة الساكنة والمتحركة فهي صور محرمة ولا يزال الناس يسمونها صورة بقاءً على الأصل لأنها منسوخة عن الحقيقة وثبتت بألوان ونقشت بخطوط على ورق وهذا هو التصوير المحرم وإن قامت بهذه العملية الآلات فمن صنع الآلات؟ وما مثل من يقول ذلك إلا كمثل من قال الجرس في هذا العصر ليس بمحرم لأن الدابة كانت تتحرك عند المشي في ما مضى أما الآن فهو يتحرك بنفسه بواسطة الكهرباء أو الحاسب الآلي فلا ينبغي أن يتصور أن يحرم الله شيئاً كالخمر والصور والجرس ويكون فيه نفع أرجح من المفسدة فالمحرمات من هذه الأعيان إنما حرمت لتمحض المفسدة كشرب السم أو لغلبتها كالصور والخمر فقد سئل النبي عن الخمر فقال إنها داء وليست دواء مع أنه قد يحصل منها منفعة في البيع والشراء وغير ذلك وكذلك الجرس كما سيأتي دليل تحريمه في الفصل القادم ([2])

 

 

حكم اقتناء الجرس والأدلة على ذلك وأقوال العلماء في هذه المسألة

روى مسلم في صحيحه ( 3950) عن أبي هريرة : أن رسول الله r قال: ( الجرس مزامير الشيطان ) وفي صحيحه أيضاً (2949) عن أبي هريرة : قال : قال رسول الله r : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) قال النووي في شرح مسلم: فيه كراهة اصطحاب الكلب والجرس في الأسفار وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظه وسبب منافرة الملائكـة له أنه شبيه بالنواقيس وقيل سبب كراهته صوتها وتؤيده رواية ( الجرس مزامير الشيطان)

قلت : وهذا الراجح مع أن القول بالكراهة فقط فيه وقفة كما سيأتي ثم قال: وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين وهي كراهة تنزيه وقال جماعة من متقدمي علماء الشام يكره الجرس الكبير دون الصغير قلت : ولا وجه للتفريق ما دامت صفة الصلصلة وإن أختلفت قوتها لصغر أو كبر في الوعاء أو تغيرت نغماتها واحدة (أي يقال عنها صلصلة جرس ) وقال بن حجر في الفتح  6ـ 142) قال النووي الجمهور على الكراهة للتنزيه ، وقال بعضهم للتحريم وقيل يمنع منه قبل الحاجة ويجوز إذا وقعت الحاجة. وقد أغرب بن حبان فقال الحديث محمول على الرفقة التي فيها رسول الله . انتهى كلامه.  وقال محمد بن أحمد الغرناطي في كتاب القوانين الفقهية (1ــ294) ولا يجوز شد الأوتار على الدواب ولا تعليق الأجرس عليها للنهي عن ذلك في الحديث وهي الجلاجل الكبار دون الصغار انتهى وقد قلت أنه لاوجه للتفريق بين الكبار والصغار كما سيأتي في الرد على بعض متقدمي الشام.

وفي مصنف بن ابي شيبة (32594) حدثنا وكيع قال ثنا جعفر بن بركان عن يزيد بن الأصم قال كانت عائشة تكره صوت الجرس والكراهة عندهم تدل على التحريم ولكن يزيد سمع من أبي هريرة وميمونة وبن عباس ولا أعلم هل سمع من عائشة؟

ويشهد لهذا الأثر ما رواه أحمد في مسنده ( 24859) وأبو داود في سننه ( 3695) من طريق بن جريج عن بنانة مولاه عبد الرحمن بن حيان الأنصاري عن عائشة أم المؤمنين قالت: بينا هي عندها إذ دخل عليها بجارية عليها جلاجل يصوتن فقالت لا تدخلوها علي إلا أن تقطعوا جلاجلها فسألتها بنانة عن ذلك فقالت سمعت رسول الله r يقول : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جرس ولا تصحب رفقة فيها جرس ) وفيه تدليس بن جريج وبنانة لا تعرف لكن  يشهد له ما قبله من كراهة عائشة وقال عنه النووي سنده جيد وهو معلول بما عرفت ، ولكن يشهد لمتن حديث عائشة هذا( لاتدخل الملائكة بيتاً فيه جرس ...) حديث مسلم : لاتصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) فيكون به حسن لغيره إن شاء الله .

ويشهد لكراهة عائشة الصديقة رضي الله عنها ما رواه أحمد في مسنده (24032) حدثنا بن جريج أخبرني عبدالكريم أن مجاهداً أخبره أن مولى لعائشة أخبره أنه كان يقود بها أنها كانت إذا سمعت صوت الجرس أمامها قالت قف بي فيقف حتى لا تسمع وإذا سمعته ورآها قالت أسرع بي فيقف حتى لا تسمع وإذا سمعته ورآها قالت أسرع بي حتى لا أسمعه وقالت قال رسول اللهr ( إن لـه تابعاً من الجن ). (وهذا سند صحيح) وهذا شاهد لما رواه أبو داود (369) من طريق بن جريج أخبرني عمر بن حفص أن عامر بن عبدالله قال علي بن سهل بن الزبير أخبره أن مولاة لهم ذهبت بابنة الزبير إلى عمر بن الخطاب وفي رجلها أجرس فقطعها عمر ثم قال : سمعت رسول الله  r يقول : (إن مع كل جرس شيطاناً ) وفي سنده عمر بن حفص قال عنه الذهبي وثق وقال بن حجر مقبول يعني إذا توبع وإلا ضعيف ووثقه بن حبان .

قال : العلامة الألباني رحمه الله : كذا الأصل وهو وهم والصواب عامر بن عبدالله بن الزبير كما في سنن أبي داود وسبب الوهم أنَّ أبا داود رواه عن شيخين لـه بإسنادهما عن عمر بن حفص أن عامر بن عبدالله قال احدهما ( وهو على بن سهل  بن الزبير) أخبره أن مولاه لهم ، فوقع النظر عند نقل الحديث على عبارة أن الزبير أخبره دون أن يتنبه أن لفظ بن الزبير زيادة في نسب عامر لا في سنده وقد ترتب على ذلك أن صار الحديث صحيحاً وهو ضعيف.

قلت : أنى لـه الصحة أيضاً وفيه عمر بن حفص لم يوثقه إلا بن حبان وقال عنه بن حجر مقبول يعني إذا توبع وقال الذهبي وثق ولم يذكر من وثقه ولعله يعني بن حبان . ولكن يشهد له ما قبله.

قلت : ولقد تبين من خلاف أهل العلم والأحاديث والآثار التي ذكرت في الباب أنَّ الراجح أنَّ الكراهة في الجرس كراهة تحريم لا تنزيه أي أنه محرم وذلك لما يلي:

 

اولاً/ لأنَّهُ يطرد الملائكة سواءً من الرفقة أو من البيت كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه :    [ لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس] وإذا كانت لا تصحب الرفقة فكيف يقال تدخل بيتاً فيه جرس([3]) ولا يجوز طرد الملائكة من أجل ذلك حرم تعليق الصور في المنازل وهو قولـه r كما في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها : ( إن الملائكة لاتدخل بيتاً فيه كلب أو صورة) وكذلك قال r  في الجرس قال بن حزم : إن الصورة إذا عرضت طردت الملائكة ولا يجوز طرد الملائكة قلت وكذلك لايجوز طردها بالجرس ولا أحد يقول بكراهة أو بجواز اقتناء شئ يكون سبباً في طرد ملائكة الرحمة.

فإذا كان طرد المؤمنين بلا ذنب أو سبب شرعي محرمة لأنها أذية له فكيف بمن لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. ويقول شيخ الإسلام : الشريعة جاءت بالمتماثلات فلم تفرق بين متماثلين ولم تجمع بين متفرقين فالقول بتحريم طرد الملائكة بالجرس كتحريم طردهم بالصور ولذلك تغير النبي ووقف بالباب ولم يدخل لما كان في بيته صور لأن الملائكة لا تدخـل بيتاً فيه صورة وكذلك ينبغي أن يكون موقف صاحب البيت الذي فيه جرس .

فائدة / قال[ صاحب عون المعبود] : وظاهر اللفظ العموم فيدخل فيه الجرس الكبير والصغير سواء كان في الأذن أو الرجل أو عنق الحيوان وسواء كان من نحاس أو حديد أو فضة أو ذهب ( كتاب الخاتم ) حديث إن مع كل جرس شيطان. عون المعبود شرح سنن أبي داود

 

ثانياً/ لأنه مزامير الشيطان ، ومزامير جمع مفرده مزمار قال صاحب كتاب لسان العرب والمزمار هو الآلة التي يزمر بها قال الجوهري المزمار واحد المزامير والمزمار والزمارة ما يزمر فيه .

فإذا كان ذلك كذلك فمزامير الشيطان آلاته التي تعينه على إلهاء وإفساد بن آدم وكل ما كان سبب لمحرم فهو محرم

قال صاحب المرقاة : وأضاف إلى الشيطان لأن صوته لم يزل يشغل الإنسان عن الذكر والفكر.

قلت : فإذا كان مقصد الشيطان إضلال بني آدم وإغوائهم قال تعالى : (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(الحجر: من الآية39) فالواجب تعطيل جميع آلات حربه التي تعينه على الانتصار في المعركة مع بني الإنسان قال تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) (يّـس:62) فالذي يعينه على نصب آلاته التي يضل بها بني آدم كالمعازف والمزامير فلا عقل له .وإذا كان هذا المزمار وهو الجرس قد قال عنه النبي مزامير الشيطان فليس هناك فائدة من ذكر النبي لهذا الخبر إلا لأنه يتضمن النهي عنه لأن المتصور من أي آله مكن الله الشيطان منها أنها فتنة لإبتلاء بني آدم واستعمال الشيطان لهذه الآله لايكون إلا في تحقيق وعده في إغواء بني آدم وإلهائهم عن ذكر الله ولقد حرم الله كل ما يلهي أو يشغل عن ذكر الله فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون:9)

 والأصل في النهي أنه للتحريم كما هو مقرر في علم الأصول فإذا كان الشئ الذي أصله مباح نهى عنه إذا كان يشغل فكيف بما هو سلاح الشيطان وآلته وهو الجرس مزامير الشيطان فلا يحل تمكين مزامير الشيطان من أن تبلغ آذان أهل الإسلام لكي لا تشغلهم عما خلقوا له من توحيد وذكر الرحمن ومعصية للشيطان .

فإن قيل لكن أجراس العصر يشغل بعضها للحظات كأجرس الهاتف والمدارس قلنا لم يفرق الشرع في النهي بين أن يدق للحظة أو للحظات وما يدرى المسلم لعل الشيطان يترصد في تلك اللحظات فيتمكن من فريسته فيصادف قلباً غافلاً فيهلك بن آدم وهل يحل سماع المعازف للحظات في المذياع وغيره فإذا كان الجواب لا وهو كذلك فالشريعة جاءت بالمتماثلات .

 

ثالثاً / النبي r أقر الإنكار على ما يسمى بمزامير الشيطان فوجب النهي عن كل ما يسمى مزامير الشيطان .

روى البخاري (899) عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله وذلك في يوم عيد فقال رسول الله يا أبا بكر إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا .

وفي رواية له : وعندها جاريتان في أيام منى تدفان وتضربان... وفيها فقالت : فأنتهرهما وفي تلك الرواية قال أمزامير الشيطان في بيت رسول الله ، فقال النبي دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وتلك الأيام أيام منى .

فالشاهد أن النبي أقر أبا بكر على تسميته الجمع بين الغناء المباح والضرب بالدف مزامير الشيطان وأقر إنكاره عليهن في غير يوم العيد لأن العلة في أمرها لأبي بكر بترك الإنكار إنما لأنها أيام عيد فدل ذلك على أن ما يسمى مزامير الشيطان فهو منكر ولا يرخص منه في العيد إلا ما دل عليه الدليل كالدف وينهى عن استعماله في غير يوم عيد وجائز الإنكار عليه ولا يتم الإنكار إلا على محرم.

 

رابعاً / لما كان اقتناء الكلب في البيت واصطحابه مع الرفقة محرم لأنه يطرد الملائكة فينبغي أن يكون الجرس كذلك لأنهما ذكر في نص واحد : [ لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس ] رواه مسلم . فينبغي أن يكون الحكم واحد .

 

خامساً / كراهة عائشة له والقرائن تدل على أنها كراهة تحريم ولا مخالف لها من الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم .

سادساً / ليس هناك صارف عن تحريم الجرس للذين قالوا بأنه مكروه كراهة تنزيه فيما أعلم .

سابعاً / أن للجرس تابعاً من الجن والظاهر أنه شيطان كما مضى من حديث عائشة عند مسند الإمام أحمد ولعل هذا التابع يسهل غفلة القلوب وإلهاءها عن ذكر الله فكانت عائشة كما في مسند الإمام أحمد تسرع حتى لا تسمع فوجب منع ما كان له صلصله لإلغاء تسهيل الإلهاء الشيطاني

ثامناً / لا فرق على الراجح في التحريم بين الجرس الصغير والكبير القديم والحديث لحاجة أو غير حاجة يعمل آلياً كهربائياً أو بتحريك الدابة ما دام صفة الصلصلة التي تخرج تكون من اصطكاك لسان الجرس بالوعاء أو الناقوس من نحاس كان أو من حديد أو من ذهب أو من فضة فالجمهور على النص وإلغاء العلة والوصف الذي يؤثر في تغير الحكم عادة الظاهرية وهي بدعة في أصول الفقه وقد مضى الكلام على هذا في أول البحث فيدخل في الجرس   ولا يحل المحرم جرس المدارس والساعة ولعب الأطفال والهاتف وغير ذلك من الأجراس المعاصرة فالواجب كسرها والتخلص منها فإنها مزامير الشيطان كما أخبر الرسول r المبعوث من الرحمن عز وجل .

قال صاحب عون المعبود في شرح أبي داود : وظاهر اللفظ [ يعني في النهي عن الجرس  وبيان أنه مزامير الشيطان ] العموم فيدخل فيه الجرس الكبير والصغير سواء كان في الأذن أو الرِّجْـل أو عنق الحيوان وسواء كان من نحاس أو حديد أو فضة أو ذهب .

قلت : فلا وجه لإخراج جرس المدارس والهاتف وغيره من مخترعات هذا العصر إذا كان على نحو تلك الصفة التي جاءت في مقدمة الكتاب تحت عنوان صفة الجرس المنهي عنه ، وذكر هناك قول الحافظ بن حجر في صفته .

 

بيان أن وصف النبيr للوحي بصلصلة الجرس لايعني الترخيص فيه

 

روى البخاري في صحيحه (2) عن عائشة أمِّ المؤمنين أنَّ الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله ، فقال : يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال : (رسولُ اللهِ أحياناً يأتيني مثلُ صلصلة الجَرَس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وأحياناً يتمثل لي الملك رَجُُلاً فيكلمني فأعي ما يقول ) قالت عائشةُ ، ولقد رأيتُهُ ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً.

فإذا قال قائل ألا يدل وصف النبي إتيان الوحي له بصوت صلصلة على عدم تحريمه إذ لو أنه محرم لما حَسُنَ هذا التشبيه لقلنا له : إنه لا يشترط في لغة العرب تماثل المشبه بالمشبه به من كل وجه فيجوز التشبيه عندهم للتماثل ولو في وجه واحد كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عبد الله قال كنا عند النبي r فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ : ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)(قّ: من الآية39) فليس معنى قولـه كما ترون القمر ليلة تمامه أي أن الله تبارك وتعالى مثله في الصفة لأنه قد قال عن نفسه : (َيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) بل أن وجه الشبه هو وضوح الرؤية أي أنكم سترون ربكم بوضوح كما هو الشأن في وضوح رؤية القمر ليلة تمامه.

وكذلك ما رواه البخاري في صحيحه ( 4790 ) عن عائشة في قصة أبو زرع الكافر زوج أم زرع فقال النبي r بعد ما ذكرت عائشة رضي الله عنها من حسن عشرة أبي زرع لأم زرع قال النبي r : (كنت لك كأبي زرع لأم زرع مع أن أبي زرع ) كافر لكن لما كان المشبه لا يقتضي تماثل المشبه به من كل وجه فكان وجه الشبه حسن العشرة ذكر النبي r ذلك، فإذا عُلِمَ هذا فإن قول النبي r عن الوحي أنه يأتي مثل صلصلة الجرس لافي صفته التي هي مزامير الشيطان وإنما في قوة الصوت كما ذكر بن حجر في الفتح وليس في ما يسمع من صلصلة  ، ولو سلمنا أن الشبه بالصلصلة أيضاً فلا وجه للإباحة لأن هذا قياس مع الفارق فالأحوال الملكية لا ينبغي أن تلحق بها الأعيان العادية المنهية، مثل الذي يقول بجواز التمثيليات الإسلامية المبتدعة المعاصرة التي استحسنتها بعض الجماعات الإسلامية المنحرفة عن منهج الكتاب والسنة وهدي السلف في الدعوة إلى الله اعتمادا على أن جبريل كان يتمثل بدحية الكلبي فإن هذه أحوال ملكية لا تلحق بها الأحكام البشرية وما أعظم المصيبة الواقعة على أمة محمد ممن يتصدر للدعوة ويلقب بالشيخ وهو لا يحسن العلم فيفتي بالرأي فيضل ويضل وفاقد الشئ لا يعطيه.

 

بيان أن استعمال الجلجل من قبل أم سلمة لحفظ شعر النبي لا يعني إباحته

روى البخاري في صحيحه ( 5446 ) عن عثمان بن عبدالله بن موهب قال أرسلني أهلي إلى أم سلمة زوج النبي r وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شئ بعث إليها مِخضبة فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمر .

فإذا قال قائل : ووجود الجلجل وهو الجرس عند أم سلمة يدل على جواز اقتناءه والنهي عنه يحمل على الكراهة لأنه فعل صحابي ليس له مخالف .

فنقول : ومن قال أن ذلك الجلجل يعمل فإنه لا يعمل إلا باللسان الذي في وسطه فإذا نزع كان كالوعاء فيوضع فيه الشعر ونحوه مما يراد حفظه ولذلك قال الحافظ بن حجر في الفتح هو شبه الجرس وقد تنزع منه الحصاة التي تتحرك فيوضع فيه ما يحتاج إلى صيانتة. قال : ولم يفسر صاحب المشارق ولا النهاية الجلجل كأنهما تركاه لشهرته قلت : يعني أنه معروف أنه الجرس ، وأحتجنا إلى هذا التأويل لعدالة الصحابة وبعدهم عن استعمال مزامير الشيطان ، مع عذرهم إذا فعل بعضهم ما ينهى عنه لعدم بلوغ النص .

 

حكم الأجراس المعاصرة : جرس المدارس ، ومنبهات الوقت ، والسيارات ، والهواتف المستقرة والنقالة

 

لما علمنا مما تقدم أنَّ النبي r قال: عن الجرس كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة :الجرس مزامير الشيطان وعنه في مسلم أيضاً إن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس : وقد جاء أيضاً : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جلجل ولاجرس ) ولا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس. وهذا الحديث أخرجه النسائي من طريق بن جريج قال أخبرني سليمان بن بابية مولى آل نوفل أن أم سلمة زوج النبي قالت سمعت رسول الله r يقول فذكرته...، ففيه سليمان بن بابيه لم يوثقه إلا بن حبان وقال عنه بن حجر مقبول مع أن بن جريج قد عنعن مرة عن بنانة مولاه عبدالرحمن عن عائشة عند أبي داود في سننه فيخشى أنه أختلف عليه فيكون معل بالاضطراب فلا يصلح شاهد يقوي الحديث ولكن قد ذكرنا أن الذي يقويه رواية مسلم لاتصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس فلا فرق بين الرفقة والمنزل في نفور الملائكة .

فإن هذه الأحاديث تدل على تحريم الجرس لا كراهته فقط وهو الراجح وعلمنا مما تقدم أيضاً صفة الجرس المنهي عنه وأنه الناقوس أو الوعاء من معدن والذي بداخله لسان يصطك بجوانب الوعاء ويحدث صلصلة وأنه لا فرق بين الصغير والكبير وطرق التشغيل له ما دام صفة الصوت واحدة فقد يظن البعض أن هذه الأجراس المعاصرة المخترعة : كجرس الحصص الدراسية بالمدارس ــ والجرس المنبه في الساعة ــ وجرس إنذار الحريق ــ وجرس التنبيه على مجاوزة السرعة في السيارات أنها لا تدخل في التحريم وهذا خطأ والصواب أنها تدخل في التحريم لأن صفة الصوت الصادر عنها هو نفسه الصادر عن المنهي عنه والذي كان في زمن النبي كما تقدم فلا يمنع اختلاف الأشكال من توحيد الحكم كما أن تغير أشكال المعازف في هذا العصر عما كانت عليه في العصر النبوي لا يمنع من تحريمها فما دام يصدر عنها صوت العزف فهي معازف وكذلك الأجراس المعاصرة إنما هي نواقيس أوعية معدنية مختلفة الأشكال يصطك لسان بها من الحديد أو غيره ويصدر عنها صوت الصلصلة وهو مزامير الشيطان فينهى عنها ، فلا ينبغي أن تطيب نفس مسلم في هذا العصر لاتخاذ سبباً يدعى أنه حاجة ــ مع وجود البديل المباح ــ لطرد ملائكة الرحمن سواء كان في بيته أو في سيارته فكما جاء في صحيح مسلم إن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جرس وقال النووي هي ملائكة الرحمة.

فإذا وقف النبي r عند باب بيته وتغير لوجود التصاوير التي في الوسائد لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة فكيف نركب سيارة لا تصحبها الملائكة وندرس في مدرسة لا تدخلها الملائكة ونقوم لصلاة الفجر بوسيلة تطرد الملائكة ونرفه عن صغارنا بألعاب تطرد ملائكة الرحمة من عندهم مع أنه يسهل التخلص من هذه الأجراس ا لمصاحبة لتلك الأشياء واختيار البديل المباح والغاية لا تبرر الوسيلة والوسيلة هنا مزامير الشيطان المسلطة على الإنسان لإغوائه فوجب قطعها.

 

بيان أنه لا حاجة أو ضرورة تطلب استعمال الأجراس التي هي مزامير الشيطان مع وجود البديل المباح

 

قد يقول قائل إذن ما هو البديل المباح والذي لا يتعارض مع الشريعة عن الأجراس ونحن نستعملها في المدارس وفي الإيقاظ للصلاة وفي الهواتف وفي الإنذار عن الحريق وهي ضرورة أو حاجة.

فنقول الحمد لله قد اخترعت في هذا العصر من المنبهات الإلكترونية الكهربائية ما أغنى عن ذلك الاصطكاك المزعج والمنهي عنه الصادر عن الأجراس فمن أحسن ذلك صوت العصافير المسجل ، أو الصوت المتقطع الذي لا يقال عرفاً أنه من المعازف ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه وفي الحديث من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس فالواجب تقديم طاعة الله ورسوله على هوى النفس ومشتهياتها، وترك التأويلات الفاسدة التي غايتها إبطال الحق وتلبيسه بالأوجه الفاسدة ، فإن طاعة الله عز وجل سببٌ للرحمة قال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (آل عمران:132) وسببٌ للثبات على الحق قال تعالى:( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)(النساء: من الآية66) وأقبح من الجرس ما تسمعه اليوم صادراً من أجهزة الهواتف النقالة ( الجوَّالات ) في الأسواق من أصوات المعازف المنهي عنها دون أن يعبأ صاحب ذلك بالتحريم الصريح الذي جاء في صحيح البخاري :[ ليكونن أقوام ٌ من أمتي يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف ]، فلم يفرق r بين معازف ومعازف فيقال لا بأس في هذا للهاتف أو غير ذلك فمن فعل فقد تكلم على الله بغير علم مع قدرة هذا المقتني للجهاز النقال تغيير نغمته إلى صوت متقطع لا يقال أنه صوت عزف ، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)(النور: من الآية40)

قال شيخ الإسلام رحمه الله : لا يمكن أن يحرم الله شيئاً ويكون فيه نفع راجح  قلت: وإن كان فيه نفع فهو مرجوح ومن أجل ذلك جاء النهي قال تعالى : ( وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: من الآية219) ولذلك حرمها وقال عنها إنها داء وليست دواء والصورة والمفسدة الحاصلة من دق الجرس على قلوب بني آدم لأنها آلة الشيطان ومزاميره أرجح من مصلحة تنبيه الناس لأمور يمكن التنبيه لها بصوت مباح آخر وهذه تسمى مصلحة ملغاة وهي التي يظن الناس أنها مصلحة في نظرهم القاصر مع أن الشرع قد نهى عنها ( المصالح المرسلة للشنقيطي [15،8] )

 

استجابة مدرسة لتحفيظ القرآن  في منع الجرس واستبداله بمنبه مباح للحصص الدراسية

 

اعلم ياعبدالله أن كل من يماري في الحق بعد ما تبين له ولم يستجب له فهو متبع لهواه ورأيه فهو داخل في قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (القصص:50) أي لا أحد أضل ممن ترك الحق من أجل الهوى حتى إذا جاء ذلك المتبع لهواه ناصح من أهل السنة يدعوه للحق دفعه بالأوجه الفاسدة بلا علم طاعة للشيطان قال تعالى : ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) فيدفع الحق بحجة تكتب عليه في صحف الملائكة قول بلا علم وهو عند بن القيم أعظم من الشرك وفي الحديث :[ أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم ] وهو الذي كلما تبينت له حجة لترك هواه دفعها بالأوجه الفاسدة  فيجادل بالباطل ليدحض به الحق . فمن فعل كان فيه شبه بالكفار وفي الحديث : (من تشبه بقوم فهو منهم ) . والناس يختلفون في قبول الحق والعمل به فمنهم من يقبل الحق ويعمل به وهو المؤمن ومنهم من يقبل ولا يعمل به فذلك العاص ومنهم من لايقبل الحق ولا يعمل به فذلك المتكبر ولا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر قال r : ( الكبر بطر الحق وغمص الناس ) أي رد الحق بعدما تبين فهذا الذي لايهدى إلى الصواب إلا أن شاء الله تعالى ، مع أنَّ الإستجابة سبب للرحمة قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (آل عمران:132) ومن المستجيبين للحق مدير مدرسة لتحفيظ القرآن كان جزاه الله خيراً سبباً في إخراج هذا البحث فقد طلب مني إعطاءه بحث في حكم الجرس وأقوال أهل العلم وقد استجاب للحق بعد ما تبين له وقام بإنزال الجرس المحرم والذي قال عنه رسول الله أنه مزامير الشيطان كما في صحيح مسلم وعصمت المدرسة من منع دخول الملائكة عليها كما جاء في الحديث إن الملائكة لاتصحب رفقة فيها كلب أو جرس رواه مسلم وفي حديث آخر       [ الملائكة لا تدخل بيت فيه جرس] ثم وضع بدلاً لـه صوت العصافير المسجل ووزعه على مواضع متفرقة من المدرسة فحصل المقصود بوسيلة مباحة والحمد لله رب العالمين.

 

بيان ما ذهب إليه العلامة المحدث الفقيه الشيخ ناصر الألباني في حكم الأجراس المعاصرة

 

 قال الألباني رحمه الله تعالى في كتابه جلباب المرأة المسلمة ص 169 : حاشية ( المكتبة الإسلامية) :

وقد أحدث في هذا العصر أجراس متنوعة لأغراض مختلفة نافعة كجرس ساعة المنبه الذي يوقظ من النوم وجرس الهاتف ( التليفون )، وجرس دوائر الحكومة والدور ونحو ذلك فهل يدخل هذا في الأحاديث المذكورة وما في معناها وجوابي: لا وذلك لأنه لا يشبه الناقوس لا في صوته ولا في صورته والله أعلم وهذا بخلاف أجراس بعض الساعات الكبار التي تعلق على الجدران فإن صوتها يشبه الناقوس تماماً ولذلك فهذا النوع من الساعات لا ينبغي للمسلم أن يدخلها إلى داره ولا سيما أن بعضها تعزف بما يشبه الموسيقى قبيل أن يدق الجرس مثل ساعة لندن التي تسمع إذاعتها المعروفة باسم ( بك بن ) ومما يؤسف لـه أن هذا النوع من الساعات قد أخذ يغزو المسلمين حتى في مساجدهم بسبب جهلهم بشريعتهم وكثير ما سمعنا الإمام يقرأ في الصلاة بعض الآيات التي تندد بالشرك والتثليث والناقوس يدق من فوق رأسه منادياً ومذكراً بالتثليث والإمام وجماعته في غفلتهم ساهون.  ولقد كنت كلما دخلت مسجداً فيه هذه الساعة عطلت ناقوسها دون أن أمس آلتها بسوء ، لأنني ساعاتي ماهر والحمد لله ، وما كنت أفعل ذلك إلا بعد أن ألقي كلمة أشرح فيها وجهة نظر الشرع في مثل هذا الناقوس وأقنعهم بضرورة تطهير المسجد منه ومع ذلك فقد كانوا أحياناً – مع اقتناعهم – لايوافقون على ذلك بحجة أن الشيخ فلان والعالم فلان صلوا في هذا المسجد وما أحد اعترض ..

قلت : وقد طولت في النقل عنه رحمه الله للفائدة وفي هذا الكلام تجويز منه رحمه الله لإجراس المنبهات والهواتف وعلل ذلك أنها لا تشبه الناقوس لا في صورته ولا صوته  ولقد جاء عنه في[ تسجيلات رحلة النور ] ما يخالف ذلك والعبرة بالأخذ بما فيه متابعة للرسول r  فقد قال الله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)(الشورى: من الآية10) وقال : (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) (لأعراف:3) فالأصح أن يقال لافرق في التحريم بين الناقوس الكبير والصغير كما ذكر ذلك صاحب عون المعبود ، فكل وعاء أو ناقوس كبر أو صغر فهو الجرس الذي نهى عنه رسول الله r وقد مضى بيان ذلك في الفصول المتقدمة .

 

الخاتمة

وختاماً أسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين أفراداً وجماعات للتقرب إلى الله بما جاء في الكتاب وثبت في السنة على فهم السلف الصالح لا بآراء وأهواء مخترعة يرد بها الحق بعدما تبين لايعلم لها إمام وقد قال الإمام أحمد إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام وأن يتركوا هذه التقسيمات والتنظيمات الحزبية الجماعية والتي نصبت أفكاراً ومقالات لأناس إنما هم بشر عادت ووالت فيها وجعلت هي الأصل من خالفها ولو جاء بحديث صحيح لم يقبل منه وجعلت تلك المقالات والتنظيمات الأصل والحديث فرع يلوى عنقه ليتفق مع آراءهم المبتدعة ، قال تعالى : ( وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (الروم:32) وقد ذكر شيخ الإسلام بن تيمية أن الذي ينصب مقالة لا أصل لها في الكتاب والسنة يوالي ويعادي فيها أو يتخذ رجل يوالي ويعادي فيه فهو من أهل التفرق والاختلاف الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون ولقد بين النبي r من هي الفرقة الناجية عندما قال وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ثم وصفها بقوله من كانت على مثل ما أنا عليه وأصحابي أو كما قال r . فلو جئت بجماعة من هؤلاء الجماعات بكل حجة ما تبعوا حجتك إلا أن تسلم لهم بأفكارهم وأراءهم وتكون معهم سواء وإلا عادوك ونصبوا لك العداء قال تعالى : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ)(البقرة: من الآية145) فانقسام المسلمين إلى جماعات الإخوان المسلمين ــ التبليغ ــ التكفير والهجرة .... وغير ذلك بدعة فإن الإمارة في الحضر بدعة لا أصل لها في عهد السلف، فإذا علمت هذا فأحذر إذا كلمت فرداً من أفراد تلك الجماعات في الجرس والصور وغيرها مما حرمه الله فإنك لن تجد استجابة إذا خالفت قوانين جماعتهم على إباحته ولو أتيتهم بكل حجة، ولكن ما على الرسول إلا البلاغ المبين وكما ذكر بن مفلح في الأداب الشرعية عن الإمام أحمد أنه سئل السنة تكون عندي ولا تكون عند غيري فقال أبدها ولا تجادل فيها والله أعلم. وينبغي النظر في أجراس البيوت الخاصة بالزائر وغيرها من أجراس اللعب والهواتف فما كان على الصفة المذكورة في البحث فهو المنهي عنه وما كان على غير تلك الصفة فهو المباح وبالله التوفيق.

 

 

 

كتبه

ماهر بن ظافر القحطاني

 

 

 

 


 

horizontal rule

1-  ذكر ذلك الشيخ صالح الفوزان جزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.

1-  فائدة : ولا تقاس الصورة الآلية اليوم بالمرآة لأن الصورة على المرآة منعكسة أو على أوراق التصوير وأشرطة الفديو فإنها مثبتة متى ما طلبت خرجت فهو قياس مع الفارق ، ولا تغتر بإجازتها في مصلحة الدعوة فإن أول شرك ظهر في الأرض في عهد قوم نوح كان لذلك .

1ولذلك يرتقي حديث عائشة السابق : لاتدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو جرس بحديث مسلم هذا


 

horizontal rule

 

اضغط هنا لتنزيل نسخة من الكتاب من موقع شبكة سحاب السلفية